..... لاتَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ.....
الْحُزْن (هو التوجع والتأسف علي ما مضي وفات وعدم الرضا بقضاء الله )
وقيل أيضا هو الغم الحاصل لوقوع مكروه .
الْحُزْن أكبر عائق وعقبة في فهم آيات القرآن بل إن شئت الدقة في فهم آيات الله الكونية وفي أنفسنا.
وكما قال أسيادنا العلماء "لَمْ يَأْتِ الْحُزْنُ فِي الْقرآن إلَّا مَنْهِيَّا عَنْه أو مَنْفِيًا......".
والسر في ذلك أن الحزن مرض يضعف القلب ويوهن العزيمة ويقتل الإرادة ولا يؤثر علي القلوب فقط بل يمتد إلى اعضاء الجسد حتى يتلفها ويعوقها عن أداء رسالتها بنص آيات القرآن الكريم وما أحدثه الحزن بسيدنا يعقوب عليه السلام منكم ببعيد حين أصابه العمي وهو نبي فما بالك بنا نحن ( وَابْيَضَّتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيم).
الْحُزْن أحب شيئ إلي الشيطان . الشيطان يريد للحزن دومًا ان يخيم علي حياة المؤمن ( إِنَّمَا ٱلنَّجْوَىٰ مِنَ ٱلشَّيْطَٰنِ لِيَحْزُنَ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ).
ويعرض لنا القرآن مشهداً أطّل فيه الحُزن برأسه محاولاً بث الإحباط وإشاعة القعود في نفس نبينا ( صلى الله عليه وسلم ) وصاحبه أبي بكر وهما في طريق الهجرة النبوية ( ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ۖ).
ولكن الإعتصام بالله واليقين في معيته والتعلق به واطاعة أمره تعصمك من الحزن وتعالج المصاب به .
كما حدث لأم سيدنا موسي حين اطاعت أمر ربها وألقت برضيعها في البحر ( وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي ۖ ) فكان الجزاء ( فَرَدَدْنَاهُ إِلَىٰ أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ ).
واعلم أن الهموم والأحزان تنتحر علي بوابة الطاعات مصداقاً لقوله تعالي ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ).
واعمل علم اليقين أن الأحزان لا تنتهي والدنيا دار كدر .
غاية مقصدي ونهاية مرامي من الواقع العملي والتجربة الحياتية أن من فتح بابه أو حتي تركه موارباً للأحزان لا تكاد نار حزن تنطفئ في القلب حتي تبدأ شرارة بل شرارات نار حزن جديدة في الظهور فعلينا الرضا بقضاء الله والصبر على ما أصابنا وإتباع الوحي والتقوى والإصلاح والإيمان والإنفاق سراً وعلانية ليلاً ونهاراً والاستقامة على منهج الله حتي نكون من الذين قال الله في حقهم (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ).
فاللهم اجعلنا ممن رضي بقضائك وصبر على البلاء وشكر لك نعمك .
دمتم بخير🤍